نداء ذي النون (عليه السلام) وجوابه دراسة في الدلالة الصوتية للآيتين 87 و88 من سورة الأنبياء

الملخص

يتميز نداء نبي الله ذي النون (عليه السلام) عن غيره من النداءات الواردة في القرآن الكريم بأسلوبه المباشر وبمضامينه المعقدة وبما ينطوي عليه من أحداث متفردة في أصل حدوثها ووقائعها وبما يشتمل عليه جوابه من موارد الرحمة الممتدة آثارها إلى أبد الآبدين، ومن ثم لا نستغرب وجود ما يرافق هذا التميز من خصائص صوتية منسجمة تماماً مع أهميته ودوره في تنمية القيم التربوية التي تنتظم العلاقة الإيمانية بين العبد وربه. لقد حرص البحث على سبر أغوار المنظومة الصوتية التي تقف وراء فكرتي النداء والجواب الواردتين ضمن الآيتين 87 و88 من سورة الأنبياء وما تتضمن عليه من قوانين ومستويات إيقاعية تتساوق في أحكامها وقواعدها مع طبيعة الأحداث التي تسببت فيهما. ويقيناً أن النظم والقواعد الصوتية المؤسسة للنص القرآني من الكمال والسعة ما لا تحيط بها فهومنا المخلوقة، إلا أن السعي في تدبر جانب منها خير من الجهل بمجملها، ومن ثم جاءت دراستنا البحثية هذه في محاولة منا للكشف عن الدلالات الصوتية الناشئة عن كثافة حضور بعض من صفات الأصوات بإزاء انحسار ما يقابلها من الصفات الأخرى، وبيان الأثر الناتج عن تكرارات الأصوات ضمن سياقات الأحداث، والفوائد المتحققة من معاني الأصوات وطرائق أدائها التي تمنح النص حيويته وقوة إسماعه. إلى جانب ذلك اهتمت الدراسة بتسليط الضوء على الدور الفاعل لنظام المقاطع الصوتية المحكم وما يمتاز به من توازن صوتي دقيق مع انسجام ملفت في توزيع البنى المقطعية وتكرارها، وما يتولد عن التشكيلات والتجمعات المقطعية من أنساق صوتية تسهم في خلق إيقاعات مؤثرة تسير جنباً إلى جنب مع المضامين النفسية والانفعالية والأبعاد الموضوعية التي يهدف إليها النص.