الزجل اللبنانيّ: نقد بنيويّ أم نقد ثقافيّ؟ زين شعيب ومحمد المصطفى أنموذجين

الملخص

نقد بنيويّ أم نقد ثقافيّ؟ عنوان إشكاليّ بامتياز لبحث أوسع من حدود المباحث القصيرة أو الميَسّرة، وتخوض ورقتنا البحثيّة هذه في مجال متجدّد من حيث مقروئيّة النصّ الشعريّ، أو الخطاب الأدبيّ الشعبيّ، ومردّ هذا التجديد واقع في تحوّلات طرأت على النظرة التحليليّة النصّيّة، ولاسيّما في ظلّ تنامي معالم الدرس اللسانيّ وهيمنته على واقع النقد الأدبيّ الحديث. ولا جرم أنّ "البنيويّة" منهج عميق أدّى إلى نقلة نوعيّة تمامًا من حيث قراءة المنتَج الأدبيّ بصورة متجدّدة منبنية على أساس سمات تركيبيّة في المبنى، على أن تتواكب مع مواقف معنويّة في مدلولات هذه البِنى. ويوازي هذا الخطّ ويستكمله المنهج "الثقافيّ"، وهو من النظريّات الحديثة التي تلقى شيوعًا واستساغة ومحاولات دؤوبة من أجل الترسيخ وتوضيح الآليّات الثقافيّة، فهذا المنهج ينطلق في قراءته المنتَج الأدبيّ من الأرضيّة الشعبيّة حيث العادات والتقاليد والقِيَم، وكيفيّة تأثير هذه الصبغات الاجتماعيّة في واقع المنتجات الأدبيّة، وما اختيارنا للزجل اللبنانيّ، وهو الشعر المحكيّ باللغة العامّيّة، إلّا إثباتًا لهذا المنهج الثقافيّ وجدواه في التحليل الهادف الإيجابيّ الذي يخدم المدوّنة ويكشف عن مراميها العميقة، وكان الانطلاق من مدوّنتيْن أصيلتيْن في الواقع الثقافيّ التاريخيّ اللبنانيّ، وهما من مؤسّسي هذا الفنّ الزجليّ، هما الشاعران: زين شعيب، ومحمد المصطفى. وقد تمحور العمل على إثبات جِدّة المنهج الثقافيّ وإمكاناته التي كشفت عن مرام وأبعاد مقصديّة في البنى القوليّة، قد لا تتمكّن "البنيويّة" من اكتشافها.