دور مواقع التواصل الاجتماعي و تأثيره علي الاطفال

الملخص

في عالم يتجه بسرعة نحو الرقمنة، لم يعد الأطفال بمنأى عن تأثيرات التكنولوجيا الحديثة، بل أصبحوا جزءًا فعالًا في مشهد افتراضي تسيطر عليه مواقع التواصل الاجتماعي. لقد دخل الطفل إلى هذا العالم من أوسع أبوابه، لا كمراقب سلبي، بل كمستخدم نشط يشارك، يُعلّق، يُتابع، ويصنع محتوى أحيانًا. ومن هنا، نشأت الحاجة إلى التوقف عند هذا التفاعل المتزايد لفهم أبعاده وتأثيراته المتعددة على الطفل من زوايا مختلفة: نفسية، اجتماعية، وسلوكية. يهدف هذا البحث إلى استكشاف طبيعة العلاقة بين الطفل ومواقع التواصل الاجتماعي، من خلال تحليل أنماط الاستخدام وتحديد أبرز التأثيرات الظاهرة والمخفية لهذا التفاعل اليومي. وقد تبيّن أن استخدام الأطفال لهذه المنصات لا يخلو من التناقض؛ فهي في بعض الجوانب تفتح آفاقًا واسعة للتعلم والتعبير، وتمكّن الطفل من التواصل مع عالم متنوع من الثقافات والمعلومات، لكنها في المقابل قد تشكّل مصدر قلق كبير نتيجة التعرض لمحتوى غير لائق، أو الشعور بالانعزال، أو حتى تأثر الطفل بمقاييس زائفة للقيمة والنجاح. وقد كشفت النتائج أن العديد من الأطفال يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات دون رقابة أو توجيه، ما يؤدي أحيانًا إلى اضطرابات في النوم، أو تراجع في التحصيل الدراسي، أو ظهور سلوكيات مقلدة لما يُعرض عبر تلك المنصات. كما تبين أن الأسرة غالبًا ما تعاني من ضعف الوعي الرقمي، مما يفتح المجال أمام الاستخدام العشوائي دون حدود. وفي ضوء هذه المعطيات، يؤكد البحث على أهمية تبنّي أساليب تربوية جديدة تتماشى مع هذا الواقع الرقمي، وتشجيع الأسرة والمدرسة على لعب دور أكثر فعالية في مرافقة الطفل وتوعيته بمخاطر وفوائد هذا العالم الافتراضي، بهدف خلق توازن صحي بين العالم الواقعي والعالم الرقمي الذي بات يسكنه الطفل يوميًا.