الصخب والعنف – قراءة تحليليّة

الملخص

يدرس هذا البحث رواية من الروايات العالمية لكاتب حصل على جائزة نوبل، هو "وليم فوكنر" وقد كتب رواية بعنوان : الصخب والعنف، وقد أدارها على عائلة في زمن الحرب الأهليّة الامريكية ولا سيّما في حقبة الرقّ، وبعد هذه الحرب التي دارت أحداثها في الجنوب انتهى الرقّ.  وقد اختار "فوكنر" أنْ يبني احداث روايته بتقنية "تيار الوعي" وهي تقنية صعبة للغاية، وقد شكا النقاد من فهم هذه التقنية، وما من شكّ في أنّ الصعوبة كانت أشد على القرّاء العاديين. وكتبت هذه الرواية بأسلوب أدبي جعل النقاد يفتتنون به. يتخلّل هذا الأسلوب الترقّب والإثارة. واستطاع "فوكنر" أنْ يدير روايته على أربعة اقسام يشترك فيها الأبناء الأربعة لعائلة بنيت عليها أحداث الرواية. وكان الزمن قد استعمل في هذه الرواية استعمالاً دقيقاً ؛ إذْ كان المؤلّف متحسّساً فيه تحسّساً عجيباً ؛ بحيث بالغ في ذكره وذكر مفرداته. وقد وقفت هذا البحث على هذه الرواية التي كتبت بتقنية صعبة ؛ لفهم ما يختلج في نفس هذا الروائي العجيب باختياره الزمني والمكاني على حدّ سواء، كونه قد بذل جهداً كبيراً في أسلوبه وفي إدارته لحوار صعب دقيق لا يستطيع كلّ الروائيين الخوض في مثله ؛ فضلاً عن تقنية تيار الوعي التي تتطلّب سيلاً من سرد الذكريات وسيلاً من حوار ثقافي دقيق، تتخلله مفاجآت من "فوكنر" لا يتوقّعها القارئ في كثير من الأحيان. وقد قام المؤلّف بتكوين أكثر من رواية متداخلة بتمكّن ؛ فلم نر خللاً في السرد أو في الحوار، ولم نر ضعفاً في بناء الرواية، ولا سيّما أنّه أدار حواراً أدهش النقّاد على لسان واحد من الأبناء اسمه "بنجامين" وهو متخلّف عقليّاً. وقد خاض "فوكنر" في تقنية تيار الوعي التي اختلف في النقّاد في فهم مصطلحها وفي تطبيقاته. وقد نجح في تقديم أسلوب أدبي ناصع. مع أنّ تقنيته صعبة إلا أنّه كان مدركاً لما يقوم به من عمل، وكان مدركاً لفعل الشخصيّات التي اصطنعها بجدارة ؛ فقد وزّع الأدوار بشكل ينسجم وطريقة سيرها النمطي في المجتمع. وقد تمكّن من تقديم مادّة فكريّة، وقد أثراها بما قرأ من أدب كلاسيكي ومن أمور تتعلّق بالعنصريّة، وبأمور تتعلّق بشخصيّات مهمّشة وبأخرى مهمّة، وقد نجح في كلّ ذلك.